مضت عدة اسابيع تقابل فيهم فهد ولوجين عدة مرات مع الكثير من المكالمات الهاتفية وفي هذه الليلة القمرية كان الاثنان يجلسان على رمال الشاطئ يتبادلان اطراف الحديث الا ان التفتت لوجين فجاءة الى فهد متسائلة: انا عرفت ليه جوجو بتحبك وبتعتبرك دايما اخوها الكبير وماما بتحبك وبتقول فيك شعر بس انا معرفش انت مين؟ لان الفترة اللي قضيتها فيها جارنا كنت مسافرة عشان الجامعه ورجعت من الجامعه جيت على هنا عشان افتح مشروعي فاحكيلي عنك.
رد فهد في هدوء: عاوزة تعرفي ايه؟
لوجين: كل حاجه!
فهد: باختصار انا ظابط قوات مسلحة سابق اشتغلت في عدة امكان وخرجت من الخدمة برتبه مقدم شرفية بعد اخر حادثة
لوجين: حادثة ايه انا سمعت الكلمة دي قبل كده عنك بس مفهمتش ولما سالت جوجو غيرت الموضوع
تغير وجه فهد وعلا وجهه نظرة جامدة ثم لانت ملامحه وهو يقول: حصل حادثتين الفرق بينهم اقل من شهر. اول واحدة كانت حادثة عربية توفى فيه كل اسرتي بابا وماما واخويا واختي والحادثة تبدو قضاء وقدر ولكن انا متاكد انها مدبره.
صمت فهد للحظات قبل ان يكمل بصوت حزين مكسور: الحادثة التانية كانت خطيبتي ودي كانت حادثة قدرية لاني كنت المقصود بس القناص بدأ بيها عشان لما اجري عليها ابقى ثابت ومشغول من غير ما الاحظه بس في الوقت ده كان معايا زمايلي وهم اللي انقذوا حياتي. بعد الحادثة دي سيبت الخدمة مع الترقية الشرفية و سافرت شوية وبعدين اشتريت الشقة اللي في اكتوبر و بقينا جيران بس انتي كنتي ساعتها ف اول سنة سفر ليكي.
سالت دموع على خد لوجين وهي تقول: انا اسفة و الله اسفة انا مكنتش اعرف ومحدش ف البيت عندي قالي اسفة اني فكرتك بكل ده
فهد مبتسماً: دي حاجات مبتتنسيش يا بنتي احنا بنعمل ناسين عشان نعيش و بعدين انا حكيت وكنت ممكن ارفض ده بس شئ كويس ان الواحد من فترة للتانية يتكلم ويعبر عن اللي جواه
مرت فترة صمت ليست بالقصيرة قبل ان يعود فضول لوجين مرة اخرى و هي تسال: طيب انت سايب الخدمة من فترة اومال ليه دايما بتمشي بسلاح؟
تعجب فهد من سرعه عودة فضول لوجين: ده حكم العادة يا لوجي وبعدين سلاحي ده صاحبي مينفعش يبعد عني
مضى باقي الليلة في هدوء و تجاذب لاطراف الحديث والمزاح والضحك حتى جاء وقت الفجر.
نهض فهد من على الارض وهو يمد يده للوجين ليساعدها على الوقوف، مسكت يده فشدها في خفة لتقف بجواره ثم قال لها: يلا تعالي اروحك عشان متمشيش لوحدك بالليل
لوجين: متتعبش نفسك ده هم خمس دقايق يعني
فهد: مفيش تعب ولا حاجه
مشيا متجواران دون الحديث حتى باب منزل لوجين فتصافحا واتفقا ان يلتقيا في اليوم التالي في وقت وجبة الغداء على ان تعده لوجين بنفسها.
تركها فهد ومشى الى سيارته في بداية الطريق وتحرك بها الى منزله وتوجه مباشرة الى سريره عقب وصوله المنزل.
في اليوم التالي استيقظت لوجين قبل الظهر قليلاً وبعد ان استفاقت توجهت للمطبخ لترتيب مستلزمات وجبة الغداء المتفق عليها فوجدت صديقتها وزميلة سكنها علا تعد القهوة فطلبت منها كوب قهوة كبير.
ناولتها علا القهوة قائلة: انتي بتعملي ايه جوه التلاجه
لوجين: بشوف عندنا ايه من مكونات الاكلة اللي ف دماغي
علا: انتي عيانة و لا ايه؟ انتي عاوزة تطبخي؟
لوجين: اه فهد هيجي يتغدى معانا
علا: اه قولتيلي! فهد جي ع الغدا. طيب لو عاوزة ممكن اخرج انا
لوجين: اتلمي يا بنتي بقى
علا: خلاص هقعد محرم بينكم و مش هعاكسه
لوجين: ولا تعاكسيه انا مالي؟ احنا جيران و اصحاب بس
علا: متاكده؟
لوجين: اه طبعا
علا: تمام. ده الضوء الاخضر عشان احاول اشقطه
لوجين: يا بنتي مش هتتلمي بقى وعموما براحتك خدي فرصتك
ظل الفتاتان يشاكسان بعضهما الى ان انتهيا من اعداد الطعام ثم التقطت لوجين هاتفها لكي تتصل بفهد وما ان سمعت صوته: الو. انت فين يا عم انت الاكل خلص ومستنينك
فهد ضاحكا: في حد يعامل ضيوفه كده؟ انا هشتكي لطنط وجوجو وهم هيجيبوا حقي
لوجين: بهزر معاك يا رمضان. ايه مبتهزرش! متبقاش قفوش كده
فهد: خلاص سماح المرة دي. انا بركن العربية و خمس دقايق وهبقى عندكم. سلام
لوجين: سلام
انهت المكالمة ونظرت لصديقتها: خلاص 5 دقايق وهيبقى هنا. اتلمي و متفضحيناش
علا: عيب عليكي. هشرفك
ضحكت لوجين: ربنا يستر
بعد خمس دقائق رن جرس الباب وفتحت علا وهي تبتسم ابتسامة تحاول ان تجعلها رقيقة ولكنها خرجت منها ابتسامة مشاكسة: اهلا وسهلا. حضرتك نورتنا
فهد: ازيك يا علا. البيت منور باهله وخلينا نتفق اني مبحبش الرسميات
بعد المصافحة، ناولها فهد حقيبة تحمل شعار محل حلويات شهير ثم دلف الى المنزل واشارت له علا الى الباب الخلفي المؤدي للشاطئ. خرج فهد فوجد لوجين واقفه تضع اللمسات الاخيرة على مائدة الطعام المعده امام الشاطئ. تصافحا ثم جلسا على المائدة ولحقتهما علا وبدأوا بتناول الطعام.
انتهوا من تناول الطعام وحضرت علا اكواب الشاي واشعل فهد سيجارته وقبل ان تبدأ علا في مشاكساتها المعهودة، نظر فهد الى شاشة هاتفه الذي يعلن ان اتصال قادم، فتغير وجهه واختفت الابتسامة من وجهه واستاذنهم ليرد على الهاتف بعد ان قام مبتعدا.
فهد: الو! ازيك يا امجد ولا اقولك يا قائد بعد الترقية الجديدة؟
امجد: انا كويس يا فهد. مش وقت الكلام ده. انت في خطر يا صاحبي. جاتلنا اشاره ان الجماعه اصحابك عرفوا مكانك ومراقبينك بقالهم فترة. وهيتحركوا في عربية تبعنا بنمر ملاكي هتيجي تاخدك و تيجيبك القاهرة.
فهد: واحده واحده وفهمني في ايه؟
امجد: مش وقته جهز الحاجات اللي محتاجها ولو مش ف البيت ابعتلي اللوكيشن اللي انت فيه
فهد: تمام ابعت العربية ع العنوان الي هبعتهولك وبلغهم ان هطلب منهم طلب واحد ينفذوه
امجد: بتفكر ف ايه؟
فهد: مش وقته
امجد: تمام. اول ما يوصلوا هبعتلك
فهد: تمام
انهى فهد المكالمة وذهب الى الفتاتان واخبرهم انه هيضطر للسفر للقاهرة لوجود ظرف طارئ فقالت لوجين: في ايه؟ حصل حاجه؟
فهد: لأ خالص بس حصل حاجة كده ومحتاج ارجع القاهرة ما تيجي معايا تزوري طنط و جوجو.
احست لوجين بالقلق فقررت ان تذهب معه الى القاهرة: عندك حق انا بقالي كام شهر مزورتهمش.
فهد: طيب جهزي حاجتك وانا هروح الم شوية حاجات واجيلك نتحرك سوا.
اثناء تدخينه لسيجارته امام الشاطئ لاحظ وجود حركة شخصين حول المنزل فالقى سيجارته وتحرك بخفة الى ان وصل لاولهم وقبض ع معصمه ومع عنصر المفاجاة وحركة خاطفة القاه ارضاً و استل سلاحه ليوجهه الى الاخر الذي التفت مع صوت ارتطام صاحبه على الارض.
ما ان نظر له الثاني حتى اخفض سلاحه قائلا: الملازم محمد مراد واشار الى زميله ده الملازم اكرم التابعي
ارخى فهد قبضته الى الاول ولكنه لم يتركه ولم ينزل سلاحه: وريني كارنيه بتاعك يا سيادة الملازم
تحرك الشاب في بطئ وهو يخرج بطاقة تعريفه من القوات المسلحة. فترك فهد الشاب الاول وهو يساعده على الوقوف.
ثم صافحها واعتذر لهما ولم يترك يد محمد: انت تقرب لسيادة العقيد امجد مراد؟
محمد: سيادة العقيد يبقى عمي يا قائد
فهد مبتسماً: انت ابن عمر؟ وانا مش قائد. انا سيبت الخدمة من سنين
محمد: سيادتك هتفضل القائد بتاعنا احنا كنا بنسمع عنك اساطير وكل زمايلنا في الصاعقة كانوا بيقولوا اساطير عن “النمر الاسود”
فهد: اديك قولت انها اساطير بس دي مش وقته. اسمعني كويس انتم الاتنين هتفضوا هنا في بنت فوق اسمها لوجين ودي جارتي في القاهرة وهيتجي معانا. مهمتكم الوحيدة انكم تحموها لمدة ساعة. هروح بيتي اجيب شوية حاجات واجي ونتحرك سوا.
محمد: اوامر يا قائد بس اسمحلي اقول رايي
فهد: اتفضل
محمد: واحد فينا يبقى هنا وواحد يجي مع حضرتك
فهد: لأ. انتم الاتنين هنا
صمت الشابان في احترام وتركهما فهد ودخل للمنزل وبلغ علا انه ذاهب لاحضار حقيبته من المنزل ثم سيعود ليستطحب لوجين وخرج باتجاه سيارته التي استقلها وانطلق بها باقصى سرعه يسمح بها الطريق حتى يصل لمنزله وفي عقله مئات الاسئلة و الاحتماليات.

